المؤامرة الكبرى علي بني أدم

 بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين سيدنا محمد النبي الأممي، وعلى آل محمد وصحبه؛ ثم أما بعد فإن هذا الموضوع الذي أطرحه هو أهم موضوع على الاطلاق ولو كان سببا لوجودي في هذه الحياة لكفى؛ ولعلني أفرد له كتابا جامعا شاملا مستشهدا بما ورد في الكتاب والسنة؛ من أدلة وبراهين دامغة، وما ورد في التراث الاسلامي فيما يتعلق بهذا الموضوع.


وقد رأيت لخطورته أن أختصره في بحث عل الأقدار لا تمهلني فيكمل غيري ما بدأت.

ثم أما بعد؛


فقد جرت سنة الله تعالى في كونه علي العدل المطلق بين جميع مخلوقاته، وعلي التخيير قبل الاجبار (ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11)فصلت)؛ فمن أطاع أجير وأثيب ومن عصى عوقب.


وتكون المعصية إما عن كبر (ابليس مثلا) أو عن شهوة فان تاب المخطئ فان الله غفور رحيم ومن أبي واستكبر أتته سنن الأولين وعوقب مثل عقابهم بالخسف والمسخ وغيرها من عقوبات ما قد سلف من الامم.


وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58)الاسراء


حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا ) قضاء من الله كما تسمعون ليس منه بدّ، إما أن يهلكها بموت وإما أن يهلكها بعذاب مستأصل إذا تركوا أمره، وكذّبوا رسله.

" إن هؤلاء ليقولون، ان هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين، فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين، أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا قوما مجرمين ( الدخان الايات من ٣٤ حتى ٣٧)

كيف ذلك ونحن لا نراه يتحقق أمام أعيننا كسابقينا؟

كيف يحدث الاغواء؟

ما طريق النجاة؟

هذا ما يجيب عنه هذا البحث.


نعود بذاكرتنا للماضي السحيق وخلق أدم عليه السلام وسبب العداء المتأصلة جذوره بين الشيطان وبني أدم.


سبب العداوة ابتداء سوء ظن إبليس بربه:


سكن الجن (أول مخلوق مخير) الأرض قبلنا بعدة آلاف من الأعوام قدرها البعض بستة آلاف عام حياة كاملة علي الارض بكل مقوماتها وكان زعيمهم فيها إبليس أكثرهم علما ومن المقربين لرب العالمين.

وعندما خلق الحق تعالى سيدنا أدم عليه السلام(أول نبي) ظل جسدا مسجى علي الارض (قبل نفخ الروح) لوقت يعلمه الله تعالى يراه الجن صباح مساء مع زعيمهم وأعلمهم إبليس الذي بسوء ظنه في خالقه ظن أن أدم وذريته لاشك سيجاورونهم في الأرض وينازعوهم سلطانهم ان عاجلا أم آجلا.


فكانت العداوة لعدة أسباب:

- سوء ظن ابليس بخالقه

- اعتقاده بأنه أفضل وأرقي من أدم

- حسد على أدم لظنه تفضيل الله تعالى له عليه وذريته

- خوفا منه على ضياع زعامته وسلطانه على الأرض وملكه


سبب تفضيل الله تعالى لأدم وذريته علي جميع المخلوقات:


سبب التفضيل كونه تحمل الأمانة أمانة الاختيار بين الطاعة والمعصية بين فعل الخير أو الشر بل بين أن يعبد خالقه ويشكره أو يكفره، وقد يقول قائل الجن أيضا مخلوق مخير فأين التفضيل؟!


التفضيل لسببين؛ أولهما أن الجن أفسدوا في الأرض وسفكوا الدماء وثانيهما لأن آدم وذريته لا يتمتعون بما يتمتع به الجن من قدرات خارقة فلا يوجد تكافؤ بين الآدميين والجن مطلقا وهذا واضح حتى من القرآن الكريم عندما عرض عفريت من الجن على نبي  الله تعالى سيدنا سليمان احضار عرش بلقيس ملكة سبأ واحضاره له قبل أن يقوم من مقامه والامثلة كثيرة على قدرة الجن التي تفوق قدرة البشر أخيرا فهو تفضيل تكليف وليس تفضيل محاباة.


وهذا عهد الله تعالى وسنته في حبه للمستضعفين و أقلاء الحيل والمساكين للدرجة التي تجعل سيد ولد أدم سيدنا محمد يدعو ربه بأن يحيه مسكينا ويمته مسكينا ويحشره في زمرة المساكين لحب الله تعالى لهم.

ولهذا أيضا يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم من أيام السماء (خمسمائة عام بزمننا في الأرض)


ومنطقيا فلابد أن هذا الأمر (التخيير) قد تكرر مع جميع مخلوقات الله تعالى (من قبيل تكافؤ الفرص)، فرفضت جميع المخلوقات أمانة التكليف فمن اختار ان يكون من بني أدم ومن اختار أن يكون غير ذلك من مخلوقات الله تعالى (قال تعالى : { إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا } ( الأحزاب : 72) أى أن ربنا الله تعالى عرض أمانة التكليف على السموات بمن فيها وعلى الأرض بمن فيها كما نفهم من الآية أن للسموات والأرض والجبال ارادة وانها اختارت وانها كائنات حية أو كانت حية (روح) قبل التخيير ، ومنطقيا فمن يفشل منهم في الاختبار ينحدر إلي مستوى أدني من مخلوقات الله تعالى إن صح التعبير و كما يتبين لاحقا.


قال تعالى (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا )(85) الاسراء


نستنتج من ذلك أن كل المخلوقات أو كانت روحا من أمر الله تعالى (بما فيها الكتب والرسالات "وكذلك أوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب "، وعرضت عليها حرية الاختيار) اختيار يليه اختبار.


حانت ساعة الاختبار:


اختبار مزدوج لآدم وابليس، كانت البداية أمر الله تعالى لملائكته أن تسجد لأدم وتخضع له وتطيعه ومن ثم تسخير الكون كله ليطيعه كأرقى مخلوقات الله تعالى لأنه مخير طوال فترة حياته  بين أن يطيع ويعصى فالطائع طواعية ليس كالطائع المجبر أو معدوم الارادة.

 اختبار بين كائنين مخيرين ( الثقلان على حد علمنا المحدود هما المخلوقان المتفردان بحرية الاختيار دون بقية خلق الله تعالى)


الاختبار الأول لإبليس والملائكة : 


الموضع الأول: في قوله -تبارك وتعالى- في سورة البقرة: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [البقرة:34].| وفشل إبليس في الاختبار الأول


الاختبار الأول لسيدنا آدم:


اختبار بسيط لسيدنا أدم بالأكل من كل الثمرات دون شجرة واحدة، واختبار لإبليس على سوء ظنه بخالقه القادر علي خلق كم أرض لتسع أدم وذريته بعيدا عن الارض التي يسكنها الجن إثم يعقبه اختبار.

وسوس ابليس لأدم واقنعه بالأكل من الشجرة المحرمة عليه طمعا في الخلد وملك لا يبلي ( سوء ظن آخر من أدم عليه السلام بربه الكريم الذي لا ينفد ملكه) إثم يعقبه اختبار.

غضب الله تعالى من أمرين الأمر الأول؛ سوء الظن به من عبديه المخيرين، الثاني؛ العداوة والحسد بين الكائنين المخيرين.


إصدار حكم إلاهي أولي علي المخلوقين:


"قلنا اهبطوا منها جميعا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع الى حين، فتلقى ادم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم"


الحكم لكلا المخلوقين بالهبوط الي الارض وعدم الصعود للسماء مرة أخرى إلا بعد الموت والحساب ما عدا استثناءات يعلمها الله تعالى كالأنبياء مثل (سيدنا عيسى مثلا رفعه الله تعالى اليه ومن شاء من خلقه)، فلا حكم الا لله، والله تعالى لا ينفذ قضائه على نفسه إن شاء يقول الحق تعالى في محكم تنزيله:  يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27) سورة ابراهيم والجملة الأخيرة في الآية هي الفيصل (ويفعل الله ما يشاء) فلا معقب لحكمه ولا سلطان لأحد على إرادته.

الحكم الثاني : هي العداوة بيننا وبين الجن؛ بعضكم لبعض عدو (وهو حكم جزئي فيه استثناءات بعض الأدميين أعداء لبعض الجن)


تصرف الكائنين أمام الحكم الإلاهي:


طبعا قبول الحكم الإلاهي هو قول كل عاقل يدرك قدر الله أما رفض الحكم الالهي ففيه سفاهة وفي حكم العدم، فانه ينفذ (طوعا أو كرها)، لا استشكال لا استئناف لا طعن لا نقض فقط التسليم والاذعان والتنفيذ (لا وجود لكما ولا صعود من الآن إلي الجنة).


آدم والحكم:


سرعة توبة أدم وعدم استكباره غفرت له ذنبه وتبقى له العقوبة ان يكفر عن ذنبه بأن يقضي علي الأرض الف سنة هو وحواء ينجبا أبناء ويربياهما ويعلماهما الدين والخالق والعبادة وامور الحياة (تكليف بعمل شاق لمدة يوم الاهي بتوقيت السماء (الف سنة مما نحصي بوقت الارض) تكفيرا عن معصية واحدة بمخالفة أمر الله والأكل من الشجرة.


فما بال من يلي أدم وحواء ومن يعظم ذنبه ما مصيره ؟ سنرى لاحقا إجابة منطقية عن هذا السؤال


والأمر الجدير بالملاحظة أيضا في المشهد أن حواء وان كان قد نفذ الحكم عليها إلا أن الله سبحانه وتعالى لم يوجه لها اللوم بمفردها بل وجهه إليهما معا أدم القيم عليها وحواء مما يدلل علي أن الرجل والمرأة عليهما المسئولية في المعصية المشتركة بين رجل وامرأة. 

ووجهة نظري الشخصية أن الوزر الأكبر في المعصية المشتركة بين رجل وامرأة يقع على الرجل لكمال عقله ودينه وقوة بدنه وبصيرته وعلمه؛ بالإضافة إلي أن المطلوب من الرجل تكليفا أكبر بكثير مما هو مطلوب من المرأة (تصلي الفروض الخمس، تصوم رمضان، تحصن فرجها، تطيع زوجها) فتفتح لها أبواب الجنة الثمانية فتكليفها أيسر من تكليف الرجل.


إبليس والحكم الالاهي:


طبعا أبي واستكبر وكان من الكافرين.

نفهم من هذا أن:


 أولا:

رفض قضاء الله تعالى 

الاستكبار 

تندرج كلها تحت الكفر والعياذ بالله تعالى.


ثانيا:

ورود سؤال الله تعالى لإبليس عن سبب عدم سجوده لأدم بأكثر من صيغة كما ورد في القرآن الكريم يدلل على رحمة الله تعالى فقد ألقي السؤال عليه أكثر من مرة وبأكثر من صيغة لعله يتوب ويرجع ويستغفر لذنبه كما فعل أدم ولكنه أصر على الاستكبار.


وبدأت العداوة :

عداوة بعض الجن (الكافر منهم) لبعض بني أدم (المؤمنين الطائعين)

عداوة بعض بني آدم (المؤمنين الطائعين المخلصين) لبعض الجن (الكافر العاصي)


ولابد أنه قد حدث انقسام في معشر الجن فانحاز جزء مع إبليس (الجن الكافر) بينما قسم آخر رفض عصيان الأمر الالاهي وهوما يفسر وجود جن مؤمن في كل العصور ذرية بعضها من بعض.

عداوة إبليس وأتباعه:


(وهم الذين تحددت مصائرهم سلفا باللعن؛ الطرد من رحمة الله تعالى والرجم،  والخلود في الدرك الاسفل من النار لاستكبارهم وعصيانهم) تمثلت تلك العداوة في الحقد والحسد علي بني آدم خاصة بعد أن حكم الله تعالى على الجن بأن يخلوا الأرض لسكانها الجدد ويسكنوا في الأماكن المهجورة وغير المأهولة (والسكن في بيوت بنوا البشر غير المحصنة بالقرآن والأذكار)؛ بل وحرم عليهم الطعام إلا الروث والعظام (وما لم يذكر عليه اسم الله تعالى من طعام بنوا البشر)


ومن هنا فليس أمامهم سوى:

الصبر على قضاء الله سكنا وطعاما

أو إغواء بني آدم وجعلهم ينسون الله تعالى فيشاركوهم في السكن والطعام والذرية (تماما كالكائنات الطفيلية؛ بيئة وطعام)


كيف حقق إبليس مأربه في الكيد والنيل من أدم وذريته؟


بالإضافة الي غرض السكنى والطعام والمشاركة في الاموال والاولاد؛ كان إبليس يتطلع إلي غرض آخر خبيث وهو استعادة ملكه وزعامته للأرض وساكنيها وكل ما عليها من بشر وجن وشجر وحجر....


السيناريو اللعين :


سيناريو لعين اتبعه ابليس واتباعه في تحقيق مأربهم في النيل من أكبر عدد من البشر لدفعهم للشرك بالله العظيم، والكفر به ومعصية الخالق بارتكاب الكبائر والصغائر وتطور هذا السيناريو مع الزمن مستغلا خبرة آلاف السنين في الاغواء حيث أنه من المنظرين (حتى تقوم الساعة)؛ بالإضافة الي أن أعمار الجن تفوق أعمار البشر بكثير.

طلب ابليس اللعين من الله أن يمده بالذرية لتكون المعركة متكافئة حيث أن بني آدم يتكاثرون وأجاب الله تعالى طلبه بل أخبره أنه مقابل كل مولود يولد من ذرية آدم فيكون مقابله تسعة يولدوا من ذرية ابليس (وفرة في العدد).

ولأن المعركة بهذه الكيفية تبدو غير متكافئة، فقد زود الله تعالى أدم وذريته بأسلحة فتاكة كما سيرد لاحقا.  

يمكننا مراجعة كتاب الامام ابن الجوزي المعنون (تلبيس إبليس ) في خطط ابليس اللعين في اغواء بنوا أدم، ويدور حول 1500 صفحة ستعجبون من حيل ابليس التي ذكرها الامام في الاقناع أو برمجته بنى أدم على الشرك بالخالق وعلى ارتكاب المعاصي والذنوب والكبائر .


أسلحة الجن وقدراته:


اعتمد إبليس على عدة نواقص في بني البشر (الا عباد الله تعالى المخلصين) من ناحية؛ ومن ناحية أخرى على قدرات الجن تلك التي تفرد لها كتبا كاملة والشاهد من القرآن؛ أنهم يتحركون بسرعات هائلة (كانوا قديما قبل أن تسد في وجوههم ابواب السماء وترصدهم الشهب؛ كانوا يصعدون و يسَّمَعون الي الملأ الأعلى ويعودون وينقلون أخبار السماء للأرض)

بينما يذكر الحق تعالى أن الملائكة والروح تعرج الي السماء في خمسين ألف سنة كما ذكر الله تعالى في فواتح سورة المعارج

تخيل أخي القارئ مسافة تقطعها الملائكة والروح في خمسين ألف سنة فبكم تقدر سرعة الجن في التحرك؟!


ومن ناحية أخرى فان لهم قدرة على اختراق النظام العقلي البشري والوسوسة والإيعاز للبشر بالسوء من القول والفعل، وقد حذرنا نبينا الكريم من أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق.

ولهم القدرة على التواصل مع بعضهم البعض بوسائل أسرع من وسائلنا المعروفة في التواصل كالهواتف وغيرها.


كما لهم مهارات كبيرة في الحفظ والتذكر؛ بالتالي فهم يحفظون في دقائق ما قد نستغرق في سنوات، وليس ذلك بغريب فهو يساعدهم في التشكيك وخلط الأمور (تلبيس الحق باطلا والباطل حقا، وجعل الحرام حلالا والحلال حراما) .

كما أن الانسان غير المحصَّن بالقرآن والأذكار يكون مخترقا فيقرئون أفكاره فيكون مشاعا لهم يعبثون به كيف شاءوا.


البداية :


عندما يولد مولود من بنى أدم فان الله تعالى يوكل له ملكا يظل ملازما له طيلة حياته يحثه على الخير والعمل الصالح و يحض عليه.

ويظل يحرسه  حتى سن التكليف من عبث الشياطين ثم يكون دوره لاحقا؛ النصح والتوجيه والارشاد فيما يعرف بالضمير.


في المقابل يلازمه قرين من الشياطين للتمتع بالسكن والطعام والشراب والمشاركة في الاموال والاولاد والاغواء له .

هذا القرين يلازمه كظله وأقصى مسافة يبعدها عن قرينه من البشر هو 800 متر وهذا البعد يكون للأولياء والمخلصين والصالحين من عباد الله تعالى أما غالبية البشر فانه يجري فيهم مجرى الدم في العروق كم أخبرنا الصادق الأمين.


يعلم القرين الجنى كل شيء عن قرينه البشري اجتماعيا وحتى صحيا فيعلم كل مميزاته ونقائصه وعيوبه وأمراضه؛ وعلى الجملة يعلم عنه كل شيء.


مداخل الشيطان للإغواء:

المال

النساء

المناصب


كانت جريمة القتل الأولى طمعا في امرأة لا تحل لطالبها، وتعددت الجرائم وكلها تدور حول تلك المحاور الثلاث والطمع تحديدا فيما في أيدى الغير والحسد والغيرة كما في سورة يوسف عندما كاد له اخوته غيرة على ابيهم منه.

بالإضافة إلي التخويف إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (175) آل عمرن،  (الشيطان يعدكم الفقر ويامركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم) البقرة؛ فيخوف من الفقر ويخوفك على أهلك وولدك خاصة في المواقف التي تستدعي الوقوف بحزم تجاه نصرة إنسان، أو التصدي لفساد أو رشوة أو ما شابه من مواقف.

ويعد الغضب أيضا من أسلحته لذلك كانت نصيحة رسول الله تعالى صلوات ربي وسلامه عليه بألا نغضب؛ فعند الغضب يحدث إغلاق للعقل.


وبمناسبة العقل فان الخمر ومغيبات العقل احدى أسلحته؛ ولهذا كان الحفاظ على العقل من مقاصد بل أهم مقاصد الشريعة الاسلامية فبانتفائه تنتفي بقية المقاصد.


سيناريوهات الشياطين:


هم يعملون مجتمعين ومنفردين و من ضمن أدواتهم البشر المصابين بعدوى الشيطان المتأصلة فيهم بنسب؛ فتجد المصاب بنسبة  10 % وتجد المصاب والعياذ بالله بنسبة تقترب من الـ 100%  وهي عندما يتحول من المعصية الذاتية إلي إغواء غيره وتدبير المكائد والغواية والإيقاع بين الناس (النميمة)؛ والطريقة التي يتبعها الشياطين تنطوي على مكر ودهاء وخبث ولكنه في النهاية كيد ضعيف كما أخبرنا ربنا الله تعالى بأن كيد الشيطان كان ضعيفا.


عندما يعجز شيطان واحد على أن يغوى إنسان؛ غالبا يكون من ذلك النوع العصي عليهم (من عباد الله المخلصين)

عند ذلك يلجئون إلي أعوانهم من البشر المسيطر عليهم وغالبا يكون تركيزهم الأكبر على ذوى النفوذ والـتأثير فيتحكمون في صناع القرار وما يعرف بقادة الرأي والفكر.


 فمن ناحية يتحكمون في الرأي العام وبالتبعية يتحكمون في القرارات كتعيين ما يعرف بالقادة والزعماء وما يليهم من مستويات أدنى؛ فيتحكمون أو هكذا يتوهمون في مصائر البشر بتحكمهم في الاقتصاد؛ تجارة وصناعة ومال وتوظيف، فيصعبون حياة المطيعين لله تعالى ويسهلون مرحليا خدمتهم من البشر والعصاة بغية ازدياد أتباعهم ممن يستسهلون الدنيا فيعبون من مالها الحرام أو ذى الشبهة (أموال سهلة كما يطلق عليها البعض، ويطلق أخرون عليها بالتعبير المصري الدارج؛ لقمة طرية) فتجدها في كوب شاي سهل.

كما يرتبون اللقاءات المحرمة ويسهلون الزنا والشذوذ والكبائر ويختزلوها في كوب قهوة تعبيرا.


إن الله تعالى اسمه الحق والاسلام هو دين العقل والمنطق لن تمطر السماء ذهبا ولا فضة والحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام كالراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه كما أخبر الصادق الأمين.


فلا اكتساب لمال أو ثروة الا بإحدى الطرق المشروعة:

ميراث

هبة

وصية

كسب من عمل حلال مشروع (مهنة حرة، تجارة، صناعة، زراعة، إحياء موات...الخ)


والعمل المشروع له ضوابط في التقدم للوظيفة وآليات التوظف والترقي كلها بالمنطق العقلي، وبالأساليب المشروعة، وحتى اللقية مما يجده الشخص على الارض فلا يصح امتلاكها أو الاستحواذ عليها والشرح يطول.

 وكل ذلك وضع له الشارع عز وجل ضوابط ومعايير ونسب؛ وللمال العام خاصة حرمة أكبر في المقدار فلا يجب أن يأخذ منه العامل إلا بقدر الاحتياج؛ نهج أبو بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبدالعزيز والصحابة والتابعين.


ويحضرني في هذا السياق أن أوضح أن الاسلام ليس دين فقر و ستة من المبشرين بالجنة كانوا أثرياء ولكن؛ ما هو مصدر أموالهم؟!


مصدره عملهم الخاص؛ غالبا التجارة الحرة، أما المال العام فلم يثرى منه أيا منهم بل على العكس كانوا يتبرعون بأموالهم الخاصة كلها أو الجزء الأكبر منها لبيت المال (ما يعادل الخزانة العامة للدول الآن).

بهذه الكيفية فمهما أثرى (من كده الخاص) فنعم المال الصالح للرجل الصالح؛ أما يأخذ من المال العام فوق حاجاته الأساسية فلم يحدث؛ رأينا عمر بن عبدالعزيز يطفئ السراج بعدما انتهى عامله من سرد أخبار ولايته، ورأيناه يرفض أن يقبض راتب شهر مقدما والأمثلة لا تنتهى من ورعهم وتقواهم.


رأينا أبو بكر الصديق ينزل أول يوم تولى فيه خلافة المسلمين الي السوق ليتاجر في بضاعة لتدبير نفقات بيته ومعاشه.

ورأينا عمر بن الخطاب يحرم على نفسه اللحم حتى يطعم جميع أطفال الدولة.

ورأينا من ينتقص من خزينه من الدقيق لان زوجته ادخرت بعضه وصنعت بعض الحلوى.

رأينا عمر بن الخطاب يذهب الي الشام لتفقد عامله معاوية بن أبي سفيان على دابة واحدة يتبادلها هو وغلامه بدون موكب ولا تشريفة ولا تعطيل لأموال ومصالح العباد.


والأمثلة في زهدهم وترفعهم عن المال العام لا تعد ولا تحصي ولا يتسع المجال للسرد فيها مما يوعز باستخدام المال العام في المصرف الشرعي العام فقط وللاحتياجات الأساسية للعامل أيا كان بدءا من الخليفة كأبي بكر وعمر.


و هؤلاء رأيناهم جميعا يطلبون من رعاياهم أن يصوبوهم إن  أخطئوا  ولو بسيوفهم ويفرحون بذلك ويسرون ولا يستكبرون لان الشورى ألزم الله تعالى بها نبيه الذي ينزل عليه الوحي من السماء حتى لو لم تكن صوابا كما حدث في أحد (فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله) في جميع أمور الدنيا والتي لم ينزل بها نص إلاهي ملزم.

 (وأمرهم شورى بينهم)؛ انه أمرهم فكيف يفرضه عليهم فرد أو فئة أو طائفة؟! 


فمن يتصدى للولاية العامة يتوجب عليه أن يقسم بالسوية ويمشي في السرية ويعدل بين البرية وأن يعيش عيشة أوسط شعبه إن لم يكن عيشة أفقر شعبه يسكن سكناهم ويأكل مما يأكلون ويشرب مما يشربون ويركب ما يركبون حتى يشعر بهم ان جاع أفقرهم جاع مثلهم فيتحرك قبل حدوث هلاك أو جريمة.


فما نراه من توزيع أموال أو أراضي أو مرتبات ومكافئات وحوافز لها ضوابط شرعية فيما يعرف بفقه الأولويات وها هو سيدنا عمر ابن الخطاب يقول (والله لأكررن عليهم أموال الصدقة أي أموال الزكاة ولو لاح لأحدهم مائة من الابل (وذلك في زمن الوفرة)؛ ثم يردف فاذا تأسينا (أي وقت الندرة) تساوينا في الكفاف (يأخذ الجميع بالتساوي حتى لا يهلك أحد) عامة الشعب وكانوا يصلون الي كل محتاج في دولة امتدت شرقا وغربا وشمالا وجنوبا دونما حواسيب آلية أو وسائل تواصل وتقنيات (هواتف نقالة ولاسلكي وانترنت وما شابه).


فاستطاع الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز أن يمحو الفقر في مدة لم تتجاوز عام ونصف (ثمانية عشر شهرا) هذا هو المؤيد من الله نصرا وجبرا وتوفيقا لأنه طبق على نفسه معايير أفقر شعبه ورد ذهب امراته الي بيت المال وخيرها بين ذلك او اللحاق بدار ابيها)


فأثمرت خلافته قصيرة العمر فيما لم تفلح فيه الاقتصاديات الكبرى والدول العظمى على مدى التاريخ فى محو ظاهرة الفقر من مجتمعاتها؛ ولعل في هذا السياق يحضرني من كتاب من كتب التراث الاسلامي هو كتاب (الفلاكة والمفلوكون) أي (الفقر والفقراء)

للإمام أحمد بن علي الدلجي المتوفي (838 هـ) و التي رصد فيها أحوال الأمة منذ مولدها حتى تأليف الكتاب قرابة 800 عام لرصد ظاهرة الفقر وخلص من الدراسة الى ان أحوال الأمة تغيرت ايجابا وسلبا ورخاء وشدة بتغير الحاكم صلاحا وفسادا، ورشدا وسفاهة

ويمكن الرجوع للكتاب لتأصيل هذه النتيجة.


بعدنا قليلا عن موضوع البحث؛ ولكن إن دور الشيطان في اختيار الحاكم يترتب عليه مصير الأمم لفترة طويلة من الزمن وربما يقول قائل ان الامر كله لله تعالى فسبحانه يقول : ) قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)آل عمران فقد قيل: إنّ هذه الآية نـزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم جوابًا لمسألته ربَّه أن يجعل مُلك فارسَ والروم لأمته، ولا تمت بصلة الى اختيار او تعيين الاهي والا لما كان حساب وثواب وعقاب.


فنجد أن من كان زاهدا في الحكم وفي الدنيا وعرض عليه الحكم وتولاه بمبدأ الشورى  واستمر زهده وورعه وتقواه بعد توليه المنصب بل لم يزده المنصب الا زهدا وتواضعا وفقرا؛ هو من نجح في قيادة شعبه نحو الرخاء والعكس بالعكس.


وحديثا عندما يتولى أي شخص منصب الولاية العامة في أي دولة من دول العالم أنظر إليه وهو يتسلم المنصب ان كان مهموما وباديا عليه ثقل المهمة، أم فرح بها أم غير مكترث وملامح الوجه  وتعبيراته لا تخطئها عين.


مهمة الشيطان الأولي:


تتمثل في اختيار بعض من تلك الفئة ممن يتولون الولاية العامة في دولهم ليسهلوا له المهمة فاختيار 206 شخص (عدد دول العالم) والتركيز عليهم أيسر بكثير من العبث مع قرابة الثمانية مليار من البشر؛ ولست في معرض للحكم على أحد فالله وحده يعلم المفسد من المصلح ولكني ألخص مهمة الشيطان وأختزلها ليسهل الفكاك لبني البشر من أنيابه؛ ويفرد الشيطان لهذه الفئة أمهر رجاله القادة للقادة.


المهمة الثانية للشيطان:

وهي أيسر من الأولى وهى التركيز على عدد أكبر من ذلك العدد من قادة أجهزة ما يعرف بالاستخبارات وأعمالهم كلها غير مشروعة ولهم التأثير الأكبر على مجريات الأمور سياسيا واقتصاديا واعلاميا وامنيا، ان أكبر ابتلاء يقع على شعب أو أمة أنه يحكمهم مزورون متخصصون في التزييف والمكر والخداع، والتجسس وانتهاك الحريات وربنا يقول في كتابه الكريم (ولا يحيق المكر السيء الا بأهله) .


ثم ما يقدر علي اغوائهم من قادة الفكر وأصحاب الأعمال المشروعة وغير المشروعة في الفن والتجارة والصناعة والرياضة والاعلام بل وبعض رجال الدين اسما (رجال الدنيا قولا وفعلا) باعتبارهم القدوة للشعوب، وذوو تأثير عريض؛ ويفرد لها أيضا فئة ماهرة من رجاله واعوانه.


المهمة الثالثة للشيطان:


هي إدارة هؤلاء الأفراد لتحقيق مآربه وأغراضه في غواية بنى البشر واستدراجهم  فلو فرض أن هناك مجلسا لإدارة العالم فهو مكون من تلك الفئات التي استطاع الشيطان استذلالهم ببعض ما كسبوا ويقودهم ابليس نفسه محققا ما سلب منه من زعامته للجن وملكه للأرض، ليحكم الأرض بأكثرية مؤثره من الجن وأكثرية متحكمة من الانس.


المهمة الرابعة للشيطان :

لا يترك الشيطان فئة الأنبياء والرسل (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) الأنعام) والمصلحين وأولياء الله تعالى وجنوده؛ فهو وان كان غير قادر عليهم لعصمتهم أو لتحصنهم فانهم أعدائه فانه ينغص عليهم حياتهم ومعيشتهم؛ ليشغلهم عن مهمتهم الأساسية في نصح وارشاد أكبر عدد ممكن من الناس والدعوة الي الله تعالى، وهذا يكون من أشد أنواع الابتلاء وفي الآية السابقة أيضا يخبرنا ربنا على التعاون بين الشياطين من الانس وشياطين الجن ونلاحظ أن تقديم شياطين 

الانس قبل شياطين الجن يدلل على أن شياطين الانس هم من يعوذون بشياطين الجن كما ورد في سورة الجن.


المهام المتكررة للشيطان :


لا يكاد يخلو منها أحد إذ بنجاح الشيطان في مهامه السابقة تصبح مهام الشياطين الصغيرة (القرناء) أيسر بعدما أصبحت الأرض مخصبة لتلقي تعاليمهم في عمل سيناريوهات يومية للإيقاع بمزيد من البشر في شراكم فمن يطلق امرأته ومن يقتل ومن يسرق ومن يزني ومن يرتكب الشذوذ ومن ينتهك المحرمات ومن يداهن ومن ينافق ومن يرتشي ومن يستبيح المال العام ومن يتسلط ومن يتكبر ومن يتجبر ومن يسترق ومن يغصب ومن يفسد في الأرض ومن يزور ومن يدلس ومن يشرك ومن يكفر، ويزينون ذلك وييسرون الحرام ويصعبون الحلال هم وأعوانهم المصابون فاقدي الارادة. 


تخيلوا أن كم ما يصعد إلي الله تعالى من الأرض يوميا من كل هذه الموبقات المهلكات؛ فماذا تتوقعون من خالقكم بعد كل هذا والله الذي لا الاه غيره إننا نستحق أي عقوبة تقع علينا مهما كانت قاسية ولا حول ولا قوة الا بالله تعالى.


فما بالنا إن كان الله تعالى مستو علي عرشه يراقبنا ليل نهار ونحن نعيث في جزء من ملكه (كوكب الارض) فسادا ونعصيه جهرا نهارا وليلا؛ نحن تحت مجهر الاهي وتحصى علينا حتى أنفاسنا فمن لم يستشعر ذلك فهو من الغافلين.


يعبث بنا الشياطين ويحركون أغلبنا ونحن نعتقد أننا نفعل ذلك بإرادتنا بينما نحن مبرمجون (مسلوبي الارادة)؛ انظر ماذا قال ابليس لربه :"قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلي يوم القيامة لاحتنكن ذريته إلا قليلا (62) الاسراء

ولو نظرنا الي كلمة لاحتنكن فمعناها : يلجمه بلجام ويسير به في أي اتجاه أي (يفقده الارادة) وهو الحاصل بالفعل لو تأملنا هؤلاء المتشبثون برأيهم لا ينزل على رأى ولا يردعه شرع وغير المتحكم في شهواته والعصاة المصرون على ارتكاب المعصية وغيرهم.


وقد توعد ربنا من يتبع مننا نحن البشر الشيطان وخطواته بأن يملأن بهم جهنم جميعا. قال تعالى: (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) السجدة 13.


قال الشوكاني في تفسير هذه الآية: وإنما قضى عليهم بهذا لأنه سبحانه قد علم أنهم من أهل الشقاوة، وأنهم ممن يختار الضلالة على الهدى.


إن قرناء السوء وزعيمهم ابليس يحكمون أغلب العالم بالفعل ويسيطرون على غالبية البشر فاقدي الارادة (الهبة البشرية)، يأكلون من طعامهم ويشاركونهم في الاموال والاولاد والسكن، ويجرين منهم مجري الدم في العروق فيتحكمون في مشاعرهم وتفكيرهم وتصرفاتهم تماما كما نمسك عصا الالعاب فيتسلون بنا ونحن نرتكب كل ما حرم الله علينا وعند بادرة تحرك الضمير يكون اتصال من مصاب اخر حفزه قرينه المتواصل مع قرين الأول ليسانده في الغواية والايقاع وتعلو ضحكاتهم الخبيثة في سادية عجيبة وهم يروننا من حيث لا نراهم؛ وقد يتجمع العديد منهم على فرد واحد عن طريق القرناء الآدميون المصابون لإيقاعه فهو يمثل تحديا لهم؛ سيحاولون ويحاولون و يحاولون كل يوم لا ييأسون وقليل من ينجو منهم.


المؤسف في الأمر والمحزن أنه بعد أن يوقع الشيطان انسيا في شباكه بارتكاب معصية كالكسب الحرام، أو الهوي المحرم فانه يصبح والعياذ بالله تعالى عبدا للشيطان ينتظر رضاه ليغرقه في المزيد من الحرام في دائرة سوء لا تنتهي الا من رحم ربي فتاب من قريب واستغفر ورجع الى الله تعالى ورد الحقوق أو استسمح أصحابها؛ و يا حبذا لو ترك دار المعصية الي مكان جديد.


السجن الأرضي :


ما الأفضل أن نجاور الشياطين أم نجاور الملائكة؟!


اجابة هذا السؤال هي خير وسيلة لمعرفة كيف أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر. ان فهم هذه الحقيقة ينقلنا الى الجز الثاني من المقالة، كيف سيتحقق عدل الله بمجازاة من يرتكب نفس الاثم بنفس عقوبة الامم السابقة هذا بمشيئة الله تعالى ما سنتناوله في المقال التالي قريبا.


كيف نعرف أننا مصابون :


اذا كانت معيشتك وحياتك عملك وسكنك وزواجك حلالا وتشعر بالرضا والطمأنينة والسكينة كنت غير مصاب، والعكس إن كان بعض أو كل ما سبق حراما أو به شبهة؛

فيندرج تحت الآية (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم 102) التوبة


كيف النجاة من إبليس وقبيله:


أولا يجب أولا الاعتراف بتلك الحقيقة أنك مخترق جسدك ومسكنك وشارعك والتركيز دوما بأنك تتعامل في تعاملك اليومي مع بشر قد يكون مصابا أيضا فتتعامل بحذر وتتجنب مصادر الخلاف ومداخل الشيطان قدر استطاعتك وتجنب سوء الظن والغضب والتسرع. 

ثم تنفذ الآتي:

الانتظام في الصلاة من الفجر للعشاء.

مجاهدة النفس والتوبة والاستغفار باستمرار.

المواظبة علي أذكار الصباح والمساء خاصة أية الكرسي صباحا ومساءا.

الاكثار من قراءة سورة البقرة مرة كل ثلاثة أيام .

المحافظة علي الطهارة.

نظافة وطهارة السكن.

الذكر عند الدخول و الخروج من المنزل.

الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان في المواطن التي تتطلب ذلك.

قراءة القران بورد يومي ولو صفحة بتدبر وفهم للمعاني فهو خير برمجة معجزة للبشر.

قراءة السبع أيات المنجيات.

الزهد في الدنيا فيصعب الزاهد علي الشيطان.

ممارسة الرياضة لاستثمار الطاقة الزائدة بدلا من التفكير فيما يغضب الله تعالى.

البعد عن أماكن الفتن وعن الشبهات.

الرجوع الى الله تعالى باستمرار ولو تكرر الذنب.

البعد عن أصدقاء السوء وجلساء السوء.

زيارة القبور فإنها تذكر بالموت.

الآذان يجعل الشيطان يفر مذعورا عند سماعه.

النوم على وضوء وقراءة أذكار النوم.

المواظبة على صلاة الجماعة.

حسن التوكل على الله تعالى (انه ليس له سلطان علي الذين آمنوا وعلي ربهم يتوكلون)

ترك المحرمات والبعد عن أكل الربا.


فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ (100) النحل


بالإضافة الي أهمية تطبيق شرع الله تعالى:


(الم تر الى الذين يزعمون انهم امنوا بما انزل اليك وما انزل من قبلك يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت وقد امروا ان يكفروا به ويريد الشيطان ان يضلهم ضلالا بعيدا) (النساء) وهذه الآية تضع حدا فاصلا بين حكمين حكم الله تعالى وحكم ابليس وفي أول الأمر و آخره  فان الله تعالى غنى عن العالمين لن نبلغ ضره فنضره سبحانه ولا نفعه فننفعه.


وقد يتطلب الأمر العديد من السنوات لاكتشاف هذه الواقع أكبر مؤامرة علي بني أدم، ان الامر يتطلب فطرة سوية وقلبا يخشى الله تعالى ويرقبه في السر والعلن، قلبا مليئا بالحب لا يعرف الكذب ولا النفاق ولا يعتريه حقد أو حسد لأحد.


و أن يكون من النوع المتأمل في ملك الله تعالى وسيدرك أن البشر أسوياء بالفطرة وفطرتهم سليمة أو كانت حتى تمت برمجتهم بنسب متفاوتة من قرينهم السوء، فأفقدهم الارادة فلا يستطيع أن يفعل غير الذي يفعل؛ كالإنسان الآلي يتصرف؛ ولعلك تقف حائرا عاجزا أمام أناس أحببتهم وقعوا في براثن الشيطان لكنك لا تستطيع أن تفعل لهم شيئا، لا تستطيع أن تشاركهم أو تجاريهم ولا تستطيع أن تنظر إليهم وأنت تدرك مصائرهم فكتاب الله تعالى فيه ذكرنا وذكر من قبلنا وليس من الصعوبة بمكان أن تستنتج ذكرك في الكتاب وذكر غيرك من أفعاله، نسأل الحق القدير الهداية والنجاة من الشيطان والفوز بالجنة لنا ولمن أحببناهم وللعالمين.


اللهم آمين


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ليلة القدر وقول فصل

الاسلام وحائط المبكى